تستطيع التغير في أي مرحلة في حياتك، وفي أي سن، سواء كنت في السابعة والسبعين من عمرك، أو كنت في السابعة عشرة، بإمكانك التعلم، والتطور والنمو، وتبني عادات جديدة، واتخاذ قرارات من شأنها جعل حياتك أفضل حقاً، ولكن هذا ليس سهلاً، ويصعب القيام به في كثير من الأحيان.
يكون هذا واضحاً عندما نمر بصدمة كبيرة أو نختبر مشاعر سلبية في أثناء طفولتنا، فتجعلنا غير قادرين على تجاوز الماضي، ونبقى محاصرين في تجاربنا القديمة، يبدو الأمر وكأن مصباحًا ما مُنطفئًا في عقلك، أو كأن شيئاً ما يسلبك إرادتك، وتعوق تحركاتك وتعيدك إلى الخلف مرة أخرى.
غالباً ما ترتبط هذه الحالة بصدمات عاطفية أو نفسية قوية مررنا بها في فترة الطفولة، وكانت مؤلمة للغاية ومضرة وتحولت مع مرور الوقت إلى ما يشبه الشعور بالعجز، وليس بالضرورة أن تكون هذه الصدمة ناتجة عن اعتداء جسدي أدى إلى تشويه نفسي أو جسدي، ولكنها قد تكون حدثاً أو فعلاً عابراً حدث لك في أثناء دراستك في المرحلة الابتدائية، ولكنك لا تستطيع نسيانه.
بعض العوامل الوراثية، والأحداث التي عاصرناها في الماضي، والصدمات العاطفية العقلية، وبعض المعتقدات الخاطئة قد تؤثر فينا، وتبقى معنا وتمنعنا عن التقدم، خاصةً اذا تجاهلناها. كما أن الدعم الاجتماعي الذي نتلقاه بعد الصدمة، ومدة الصدمة، ونوع الإصابة التي تخلفها الصدمة، كلها من الأمور التي تحدد طريقة تعاملنا معها، وتساهم في تحديد الأسلوب الأمثل للعلاج.
الصدمات تولد بداخلنا مشاعر وعواطف كثيرة ومتشابكة، وإذا لم تتمكن من معالجتها وقت حدوثها، فقد يصاب نظامك الصحي والنفسي بخلل ما؛ ما يؤثر في حياتنا بأكملها.
التدفق الصحي للمشاعر ومعالجة العواطف المترتبة على الصدمات، مثل الغضب والحزن والخوف شيء ضروري، ولا مفر منه كي نتمكن من تجاوز الأزمات والتعافي من الصدمات بغض النظر عما كانت؛ ما يعني أن الهروب من المشاعر وتجنب التعامل معها لن يساعد على حل المشكلات الأساسية.
لا تقمع مشاعرك
قمع المشاعر لن يساعدك على تجاوزها، عوضاً عن ذلك فسوف تصبح الأمور شديدة السمية، وفي أقرب فرصة سوف تجدها تظهر مجدداً في حياتك، وتعيدك إلى الحالة الأولى التي كنت عليها فور تعرضك لهذه الصدمة، وربما تصبح الأمور أكثر سوءاً وتجد أنك عالق، ولا تستطيع التحرك أو تغيير أي شيء، ومع الوقت لن تشعر بأي شيء سوى التعاسة، وسوف تتلاشى مظاهر السعادة كافة.
الأفضل أن تسمح لنفسك باختبار هذه المشاعر وتتعامل معها باعتبارها جزءاً منك، وقد تكون واحدة من أفضل الطرق وأكثرها صحية في مواجهة الصدمات.
استكشف ذاتك
ابذل بعض المجهود؛ لكي تتمكن من وضع يدك على ما يؤثر فيك سلباً في عالمك الداخلي، وما يمنعك من التقدم، ويقيد حركتك ويحد من اختياراتك.
كذلك حاول أن تكون واعياً؛ لكي تعرف ما الأمور التي تسيطر عليك في اللاوعي؟ وما الأشياء التي عليك التحرر منها حتى تتمكن من السير على الطريق المنشود والإقدام على الأمور التي تساعدك على الشعور بالسعادة مُجدداً؟.
كل ما عليك فعله الآن هو إلقاء نظرة عامة على حياتك، وتحديد الأشياء التي تسير على نحو سلبي بهدف التخلص منها، انظر إلى المشاكل التي تعاني منها، وحدد الأمور التي تجعلك تشعر بالضيق وتسلبك الشعور بالسعادة.
وابذل بعض الجهد مع نفسك؛ كي تتمكن من تحديد المشاعر ومعرفة نوعها: أهي غضب أم شعور بالعار أو الحزن؟ ما هي بالضبط؟
حاول استكشاف نفسك وافهمها، وتعرف إليها وكأنك تتعرف إلى شخص آخر يثير اهتمامك، توغل في أعماقها حتى تصل إلى جذور المشاعر السلبية؛ كي تتمكن من استئصالها.
علك تشعر بالسعادة، والمواظبة عليها.