توصل فريق من الباحثين من المدرسة الدولية للدراسات المتقدمة، بمدينة تريستي الإيطالية، إلى نموذج نظري يمكن أن يكشف سر ظهور الثقوب السوداء العملاقة مباشرة خلال ثمانمئة مليون سنة بعد الانفجار العظيم، الأمر الذي يعد محيرا بالنسبة للنظريات الحالية.
ثلاثة أنواع
بحسب الدراسة الجديدة، التي نشرت في 23 مارس/آذار بدورية "ذي أستروفيزيكال جورنال"، فإن سرعة توجه الثقوب السوداء الصغيرة إلى مركز المجرات البدائية كانت أكبر من المتوقع بحسب النظريات السابقة.
والثقوب السوداء هي أغرب الأجرام الكونية، تتكون في نهاية أعمار النجوم العملاقة، حيث تنهار تلك النجوم على ذاتها في صورة انفجار نجمي هائل يسمى "مستعرا أعظم"، تاركة في المركز ثقبا أسود بقوة جاذبية شديدة لدرجة أن شعاع الضوء نفسه لا يقدر على الهروب منه.
هناك ثلاثة أنواع من الثقوب السوداء هي الثقوب السوداء النجمية، تلك التي تحدثنا عنها قبل قليل، والثقوب السوداء العملاقة، وهي التي توجد في مراكز المجرات وتبلغ كتلتها عشرات الآلاف إلى مليارات المرات بقدر الشمس، والثقوب السوداء الدقيقة أو المجهرية، وهي صورة افتراضية من الثقوب السوداء.
وبحسب الدراسة الجديدة، فإن الثقوب السوداء العملاقة تتكون لعدة أسباب، منها أن الثقوب السوداء الصغيرة التي تتكون في أطراف المجرات الأولى تنجذب إلى مركز المجرة -بسبب احتكاكها مع المادة المحيطة- لتندمج مع الثقوب السوداء الموجودة هناك لصناعة ثقوب سوداء أكبر.
عزيزى العضو \ الزائر لايمكنك مشاهده الروابط الا بعد الردالصورة الأشهر عالميا للثقب الأسود هي لثقب أسود عملاق يوجد في مركز المجرة m87 (ويكيبيديا)
ومن هذه الأسباب، المادة الكثيفة جدا والمحيطة بمركز المجرة، والتي تتزاحم للسقوط في الثقب الأسود الموجود بمركز المجرة، حيث تنمو تلك الثقوب السوداء لتصبح عملاقة وكافية لتكون "ثقوب سوداء عملاقة".
نشأة الكون
بحسب النموذج الفيزيائي الجديد الذي يطرحه الباحثون الإيطاليون، فإن ثقبا أسود بكتلة عشرة آلاف إلى مئة ألف شمس سيأخذ من الوقت حوالي خمسين إلى مئة مليون سنة للتكون، ما يترك وقتا -بعد الانفجار العظيم- لتكون المجرات البدائية ونشأة الثقوب السوداء الأولى بها وتطورها لثقوب سوداء عملاقة.
لكن في تلك النقطة دعنا نوضح أن المجرات البدائية ليست كمجرات الآن، بل كانت نشطة جدا بسبب كثافة المادة في الكون، ما تسبب في نشوء نجوم عملاقة بمعدلات قياسية وانفجارها سريعا لتكوين أعداد هائلة من الثقوب السوداء.
ويرى الباحثون من المدرسة الدولية للدراسات المتقدمة أنه يمكن -كإحدى مراحل الفحص التجريبي لتلك الفرضية- أن نستخدم ليغو (LIGO) مرصد الموجات الثقالية بالولايات المتحدة الأميركية لرصد التحام الثقوب السوداء صغيرة الحجم مع بذور الثقوب السوداء الموجودة في مراكز المجرات والتي ستصبح فيما بعد ثقوبا عملاقة.
لكن ذلك، بحسب الدراسة، ليس كافيا أيضا، ويحتاج الأمر أن ننتظر وصول مراصد موجات ثقالية أكثر تقدما من الجيل الثالث مثل تليسكوب أينشتاين أو المهمة الأوروبية "ليزا" والتي يفترض أن تنطلق في عام 2034.