قد تشهد الهياكل الخارجية الروبوتية، التي تساعد مرضى الشلل أو إصابات الحبل الشوكي على المشي مجددًا، تطورًا كبيرًا قريبًا. إذ تساعد الأنظمة الحالية المرضى على التحكم جزئيًا في عضلاتهم من خلال إشارات كهربائية محددة لكن فريق من علماء معهد ماساتشوستس للتقنية طور لأول مرة طريقة لتحفيز العضلات بنجاح باستخدام إشارات ضوئية.
يعد علم البصريات الوراثي نوعا من التحفيز العصبي الذي يحفز البروتينات المستجيبة للضوء، التي تسمى الأوبسينات، وتوجد في الجهاز العصبي. وذكر بحت نشر يوم الخميس الماضي في دورية نيتشر كوميونيكيشنز، أن العلماء استخدموا التحفيز البصري الوراثي كي يبرمجوا حركات الفئران التي عدلت وراثيًا حتى تستجيب أعصابها التي تتحكم في العضلات للإشارات الضوئية.
وقالت، التي تدرس للحصول على درجة الدكتوراه ضمن برنامج التعاون بين جامعة هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتقنية والتي اشتركت في البحث، لموقع مرصد المستقبل أن الفريق نجح في جعل الفئران تؤدي حركات تشبه تلك التي تؤديها سيقانها عندما تتسلق السلالم أو تمشي على خط مستقيم.
وأضافت «قد يساعد البحث الجديد مرضى إصابات الحبل الشوكي في تحسين قدرتهم على الحركة.»
وترى سرينيفاسان أن هذا الابتكار قد يطبق على مستوى واسع خلال 20 إلى 30 عام.
التفوق على التحفيز الكهربائي
تفوق التحفيز البصري الوراثي على التحفيز الكهربائي في تجارب التحكم في حركة سيقان الفئران، إذ كان أكثر دقة وسهولة وأقل إجهادًا للعضلات. وذلك بسبب اختلاف طريقة تحفيز الكهرباء والضوء للألياف العضلية.
وقالت سرينيفاسان لموقع مرصد المستقبل «عندما تجلس على مقعد تستخدم عضلات قليلة كي تبقي ظهرك مستقيمًا. لكن إن استخدمت عضلات كثيرة مثل تلك التي تستخدمها عندما ترفع شيئًا ثقيلًا ستشعر بالإجهاد سريعًا. ويحدث ذلك في التحفيز الكهربائي الذي ينشط الألياف الكبيرة فيشعر المريض بالإجهاد سريعًا.»
وفي المقابل يبدأ التحفيز البصري الوراثي بالألياف الصغيرة ثم يتدرج حتى يصل إلى الألياف الكبيرة. وقالت سرينيفاسان «تؤدي هذه الطريقة إلى إطالة فترة التحفيز وتقليل الإجهاد.»
وتحتاج العضلات وقتًا طويل حتى تشفى من الإجهاد الناتج عن التحفيز الكهربائي مقارنة مع الوقت الذي تحتاجه بعد التحفيز البصري الوراثي، واكتشف الفريق أنه يشبه الدورات. وأوضح البحث كيفية تحول الأوبسينات من حالة النشاط إلى الخمول والعكس. ويعنى ذلك أنه حتى في حالة وجود شعاع مستمر من الضوء فإن هذه البروتينات ستعود إلى حالة الخمول بعد إصابتها بالإجهاد. بينما العضلات التي تحفزها الكهرباء لم تعد إلى حالتها الأولية خلال وقت التجربة.
وقالت سرينيفاسان «يعد ذلك مهمًا بالنسبة للتطبيقات السريرية. فإن افترضنا أننا طورنا هيكلًا خارجيًا يستخدم البصريات الوراثية، فقد يشعر المريض بالإجهاد بعد المشي لعشر دقائق، لكنه سيستعيد نشاطه ويواصل السير بعد بعض الصعوبات المؤقتة.»
وقت طويل
ما زال أمامنا عملٌ كبير قبل أن نطور هذا الهيكل الخارجي. فعلى الرغم من أن هذه الدراسة أثبتت لأول مرة أن التحفيز البصري الوراثي قد يساعدنا على التحكم بدقة في سيقان الفئران بصورة أفضل من التحفيز الكهربائي، ما يعد خطوة جيدة، لكن ما زال أمامنا وقتًا طويلًا قبل إجراء التجارب السريرية على البشر.
ومن أكبر العقبات التي تواجه التقنية الجديدة أن الفئران المستخدمة في التجارب معدلة وراثيًا كي تستجيب عضلات سيقانها للضوء، ولذا قد يخضع المرضى الذين يريدون استخدام التحفيز البصري الوراثي في علاج إصابتهم بالشلل أو تضرر الحبل الشوكي لتعديل مشابه.
وقد لا يثير ذلك جدلًا كبيرًا، إذ أنه لا يشبه الأخبار الأخيرة عن التوأمين اللذين خضعا للتعديل الوراثي في بداية حياتهما الجنينية. وأشارت سرينيفاسان إلى وجود منات التجارب السريرية التي تدرس العلاج الوراثي في البشر، وتتضمن بعضها التحفيز البصري الوراثي.
وقالت سرينيفاسان «قد يكون استخدام التحفيز البصري الوراثي مقبولًا في حالة مرضى إصابات الحبل الشوكي، مثل المصابين بالشلل أو أمراض الخلايا العصبية الحركية، لأنه سيحسن قدرتهم على الحركة بصورة كبيرة.»