قراءة لمقال معتقدات الكنز المدفون الباحثان الذهبي رشيد وكمال غزال وهو يدور حول وجود علامات أو إرشادات عن وجود كنوز في منطقة معينة وقد تحدثا عن هوس بعض الناس بالبحث عن الكنوز المدفونة فقالا: "يتحول الكشف عن الكنوز المخبأة في باطن الأرض لدى البعض ليصبح هاجساً مهيمناً وغاية مستمرة مهما كانت الوسائل المعتمدة بهدف تحقيق حلم الثروة، وتتحكم في سير هذه المحاولات بعض المعتقدات المتوارثة والمنتشرة في بعض أوساط المجتمعات العربية ومنها المجتمع المغربي" وتحدثا عن وجود معتقدات غريبة لدى البعض مثا حراسة الجن لبعض الكنوز فقالا : " ونذكر من بينها اعتقاد شائع بأن أفراداً من الجن يحرس كنوزاً مدفونة في باطن الأرض فلا يسمحون لأحد من الساعين وراءها لنبشها أو الإقتراب منها، وهي كنوز كان قد خلفها القدماء فلم يبوحوا بسرها بعد مغادرتهم أو وفاتهم وربما أحاطوها بلعنة أو بأعمال سحر لكي لا يستفيد منها أحد بعدهم كما كان يجري خلال طقوس تحنيط ملوك مصر من الفراعنة وغيرهم من الشعوب حيث كانت الكنوز تدفن مع رفات النبلاء أو علية القوم قديما وتقام طقوس سحرية وسرية لكي تتم حراستها من قوى خارقة غيبية." قطعا لا وجود لجن يحرسون كنوز بشرية لأنه لا يوجد اتصال بين الاثنين حتى يمكن استخدامهم لحراسته فقد منع الاتصال بالجن نتيجة دعاء سليمان(ص) ألا يعطى أحد بعده تلك المعجزات ومنها الاتصال بالجن بالقول : " رب اغفر لى وهب لى ملكا لا ينبغى لأحد من بعدى " والجن الذين سمعوا القرآن لم يعلم محمد(ص) بهم ولا علم إلا بعد نزول الوحى عليه باستماع بعض الجن له حيث قال تعالى : " قل أوحى إلى أنه استمع غلى نفرا من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا" وتحدث الرجلان عن سعى المعتقدين بهذا الكلام للتغلب على الجن باستعمال وسائل غريبة فقالا: "ولكي يتغلب الساعون وراء الكنوز للتغلب على هذه اللعنة أو الجن الحارس يستخدمون طقوساً ووسائل غريبة ومبنية على معتقدات أيضاً بما فيها تضحية بقرابين أو الاستعانة بجن آخر يسمح لهم بفتح البوابة المحروسة .. الخ، ومن الجدير بالذكر أن هذه المعتقدات أصبحت حجة عدد كبير من المحتالين على الضحايا المؤمنين بها لكسب أموالهم ومن ثم الفرار" والكلام السابق هو مجرد خدع لخداع الأغنياء الأغبياء ومعهم بعض المحتاجين لأخذ أموالهم والفرار بها لمكان أخر وذكر الرجلان بعض معتقدات المخادعين وغيرهم فقالا: " ونذكر من هذه المعتقدات: 1) معتقد قوس قزح في غياب خريطة تحدد مكان الكنوز المدفونة التي تسمى في اللهجة المحلية "تقييدة" والتي تكون مدونة على ورق أو جلد حيوان يلجأ البعض إلى معتقد قوس قزح، حيث أن هناك اعتقاد بأن قوس قزح يساعد في تحديد موقع الكنز المدفون، وجاء ذلك في كتاب المعتقدات السحرية و طقوسها في المغرب للكاتب مصطفى واعراب، حيث كتب: " وحدهم العارفون بأسرار الكشف عن الكنز باستطاعتهم تحديد مكان وجود الدفن عن طريق قوس قزح وإخراجه من مخبئه السري بلا خسائر، قوس قزح هذا الحدث الطبيعي لدى العارفين بسره هو إعلان استغاثة من كنز يشير إلى مكان دفنه حتى يأتوا إليه ليخلصوه من أسر الجن الحارس "." قطعا الظاهرة العادية تظهر مل السماء فكيف يتم تحديد المنطقة ؟ قطعا الظاهرة تقطع في منطقة تبلع عدة اميال طولا وعرضا وهى مساحة كبيرة لا يمكن الحفر فيها كلها ولا يمكن ان يكون هناك إشارة فيها لشىء ثم قالا: 2) معتقد الزوهري ينتشر عدد من العصابات المتخصصة في خطف الأطفال الذين لديهم علامات "الزوهري" سواء أكانوا ذكوراً أو إناثاً، حيث أن هناك معتقدات تقول أن هذه العلامات هي ما يحتاجه المنقبون لتنفيذ مآربهم في الكشف عن الكنوز وفي تجنب أخطار الجن الذين يزعم بأنهم يحرسونها، و"الزوهري" هو صفة للطفل الذي يملك خطاً يقطع راحة يده عرضاً وكذلك لسانه ويعتقد بعض الناس من الباحثين عن الكنوز أنه من أبناء الجن وجرى استبداله في مولده بأحد أبناء الآدميين لذلك فهو لا يخاف من مواجهة الكائنات الغيبية الحارسة للكنز بحجة أنه يمتلك قدرة سحرية على رؤيته، وما دامت ماهية الجن مجهولة وكينونته غير مدركة من طرف الجميع إلا من طرف هذه الفئة من الناس لهذا فطلبات الجن تتجلى في طقوس التضحية بالزوهري أو إراقة دمه لكسب رضا الجن الحارس وبالتالي سلب قواه ويترافق مع ذلك استخدام أنواع متعددة من البخور والطلاسم. ومن بين الطقوس التي يتم الشروع بها قبل التنقيب أن يتوضأ المنقب 7 مرات قبل الحفر والإستخراج، ويشترط أن تكون العملية بعد صلاة العشاء حتى الفجر وطوال فترة التنقيب أو البحث يقوم المشتركون بتلاوة عدة سور قرآنية بينما يمنع على من يكلف بالحفر التكلم خشية إثارة غضب الجن المستمتع بدم الزوهري كما يزعم." قطعا الحديث السابق هو جنون تام فالقوم يقتلون ومع هذا يقرئون القرآن ويصلون وهو تناقض فأى إيمان هذا الذى يدفع الناس لقتل طفل برىء
وقالا : 3) الزئبق الأحمر (الفرعوني) هناك معتقدات أخرى تتعلق بمادة مزعومة يقال أنها تطيل عمر الجن وتجدد شبابه وتدعى بالزئبق الأحمر (زيت الكاهن) وهو اعتقاد نشأ من مصر وهي وسيلة يعتمدها المنقب لإقناع الجن المستحضر لتحديد موقع كنز حسب ما يزعم. كما أنها وسيلة المحتال التي يمارسها على ضحاياه." قطعا المادة المذكورة لا وجود لها في الحقيقة وغنما إشاعة أطلقها المخادعون لأخذ أموال الناس بالباطل بدعوى أنها تطيل العمر أو تهب من يتناولها شهوة جنسية عارمة والعمر لا يطول كما قال تعالى : " ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها" ثم حكى غزال على لسان شريكه في المقال الحكايا التالية : "قصص واقعية يروي الذهبي رشيد قصة رواها له أحد الأصدقاء المهووسين بسماع قصص الكنوز والدفائن وهي قصة صديق له يدعى سعيد، وأذكرها كالآتي: يعيش سعيد في مدينة فاس- المغرب وفي أحد الأيام أتى إليه رجل كبير في السن وتحدث معه بعد صلاة الظهر حيث أخبره عن وجود كنز كبير مدفون في أرض زراعية يمتلكها سعيد في إحدى القرى، ولكي يكتسب سعيد الثقة بكلام هذا الرجل أخبره بأسرار عن حياته الشخصية لا يعرفها إلا سعيد، ولم يكاد الرجل ينتهي من كلامه حتى طلب منه سعيد الذهاب وهذه الساعة إلى أرضه لإخراج الكنز وسرعان ما طلب منه الرجل الغريب أو "الشيخ" مبلغاً كبيراً لشراء خروف ذو مواصفات خاصة وبعض الأعشاب وبخوراً للمساعدة في ترويض الجن الحارس للكنز، فسلمه سعيد المبلغ، وهكذا انتهى الحوار بينهما واتفقا على اللقاء في صباح اليوم التالي، لم يتمكن سعيد من النوم تلك الليلة إذ جعله الكنز يحلم بأشياء كثيرة يود فعلها بعد حصوله على الصندوق القابع تحت أرضه، في اليوم التالي سرعان ما اكتشف سعيد أن الشيخ لم يأتي في الموعد المقرر فأدرك أنه كان ضحية لخدعة متقنة خسر فيها الكثير من ماله. لا تختلف القصة المذكورة أعلاه كثيراً عن عشرات من القصص التي تحكى عن رجال كبار في السن تمكنوا من الاحتيال على عدد من الأشخاص الذين باعوا ما لديهم لتحقيق حلم الثروة من إقناعهم في انتشال كنوز مزعومة ومدفونة عميقاً في مكان ما وهذه الحكايات تشبه كثيراً ما يروى عن "أصحاب السماوي" وهي المنتشرة في مدن المغرب، وهو مصطلح محلي مغربي لا وجود لمرادف له في اللغة العربية، و"أصحاب السماوي" هم الأشخاص الذين يقومون بممارسة ضرب من التنويم الإيحائي على الضحية من دون علمها بذلك بغية سرقة ما لديها من ممتلكات أو من خلال الاستعانة بالجن و يسبق ذلك وضع خطة ذكية تستدرج الضحية لاطلاعها على أسرار شخصية عنها، والغاية من هذه الممارسات التأثير على عقل الضحية لسلب أموالها. وفي قصة أخرى وفي مكان غير ببعيد عن مدينة فاس وفي إحدى قرى مدينة (صفرو) لم يعر أحد اهتماماً لخيمة نصبها 3 رجال متخصصين في البحث عن الكنوز، ظن السكان المحليون أنهم مجرد سياح جدد يريدون التخييم في هذه المنطقة الجبلية، وأمضى الغرباء كما جاء على لسان أحد السكان مدة أسبوعين دون أن يشك أحدهم في أمرهم، وبعد رحيلهم خلسة في وسط الظلام اكتشف السكان وجود حفرة عميقة في المكان وعرفوا من إمام مسجد أنهم نجحوا في استخراج الكنز الذي سمعوا عنه كثيراً و لم يعرفوا مكان تواجده أو مقداره أو طبيعته." إنها حكايا تعبر عن خداع الناس فلا وجود لكنوز وإنما الغرض من اشاعة ذلك الضلال في المجتمع هو اخذ أموال الناس بالباطل وتحدث الرجلان عن أسباب شيوع تلك الظاهرة فقالا : "أسباب انتشار ظاهرة البحث عن الكنوز من بين أسباب انتشار ظاهرة الكنز المدفون أن الرومان وقبل مغادرتهم لأراضي إفريقيا قبل قرون لم يتمكنوا من حمل كل ممتلكاتهم لذا قرروا دفنها عميقاً في أماكن غير معروفة، و لاستعادتها لاحقاً تم رسم خريطة وكتابة معلومات تظهر مكان ممتلكاتهم سواء أكانت نقودا أو حلياً أو ذهب و فضة، وهناك سبب آخر هو أن الكثير من العائلات لجأت إلى إخفاء كنوزها تحت الأرض في حقبة من الزمن غاب فيه الأمن وشاعت فيها الفوضى أو الصراعات السياسية. وهناك سبب ثالث وأكثر أهمية وهو دافع الاحتيال الموجود لدى عدد غير قليل من الناس الذين يستغلون المعتقدات المنتشرة عن الجن وغيرها لاقتناص المال من السذج." وبالطبع شيوع تلك الحكايات في مجتمع ما هو سبب واحد هو : الطمع في أموال الناس وتحدث الرجلان عن أن الغرب يسعى لاكتشاف الكنوز بالوسائل العلمية وليس بوسائل خرافية فقالا في نهاية المقال : "وأخيراً ... بينما يستخدم الباحثون عن الكنوز في الغرب وسائل علمية مثل أدوات التحقق من المعادن، واستقصائية مثل جمع مصادر والبحث عن آثار وخرائط قديمة في مهامهم يلجأ عدد من المنقبون في المجتمعات العربية إلى معتقدات غريبة حول قوس قزح الجن والزئبق الأحمر والزوهري وغيرها فإن لم يجدوا ضالتهم لجأ بعضهم إلى الإحتيال على الضحايا المؤمنين بتلك المعتقدات لأخذ المال الذي يسعون إليه مهما تنوعت الوسائل." وقطعا وجود كنوز مخفية هو أمر موجود وقد ضرب الله لنا مثلا بالكنز وهو المال الذى أخفاه الوالد تحت الجدار لولديه في المستقبل حتى يعثرا فقال تعالى : "وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين فى المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمرى ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا" وقطعا لابد أن مثل هذا الوالد لابد أن يترك رسالة ما لأولاده حتى يعثروا على الكنز